فضاء حر

قراءة موجزة في تبني الحزب الاشتراكي لنص المادة “3” من الدستور الحالي

يمنات

ربما أراد الحزب الاشتراكي من تبنيه لنص المادة 3 من الدستور في رويته المقدمة للحوار أن يفوت مستقبلا علي المكونات الدينية وضعه في دائرة الاتهام والتشكيك كونه الحزب الأنضج الذي يمثل الخيار التقدمي لمعظم اليمنيين في سياق بناء الدولة المدنية وتحقيق المواطنة المتساوية..

وهو بهذا يعتقد انه قد افلت بنفسه من وقع تلك الاتهامات مستقبلا وعلي النحو الذي يمكنه من تحقيق مكاسب سياسية كبيرة وتمكينه من لعب دور أكثر حيوية في الحياة السياسية القادمة انطلاقا من كون موقفه هذا سيعزز ثقة الجماهير به من حيث معطيات وجدانهم الديني وذهنيتهم القبولية..

فعلا قد يكون للحزب في ذلك حزمة من المبررات ذات الصلة في معطيات اللحظة بكافة تفاعلاتها الراهنة.. لكـــــــن مالم يدركه الحزب وقيادته هو انه سيظل في كل الأحوال في مرمى نيران القوي الدينية الظلامية طالما بقي يدعو ويتبني مشروع الدولة المدنية بمفهومها الحقيقي.. لان تلك القوي الظلامية تعادي وتحارب عملية التحول السياسي الديمقراطي وتحارب فكرة الدولة المدنية بالياتها ومفاهيمها العصرية لصالح ابقاء المجتمع بهذه الحالة والكيفية التي يسهل لهم فيها تطويعه وإدارته بواسطة خطابهم الديني الديموغاجي فتلك الدولة المدنية تعني في حالة التمكن من تأسيس قواعدها وأطرها نهاية السلطة التاريخية لقوي الظلام الديني انطلاقا من اختلاف أدواتها ووسائلها في إدارة شئون المجتمعات وهي الأدوات التي لا تجيد المكونات الدينية العمل بها.. لذلك فإنها – القوي الظلامية الدينية- ستظل تعمل علي إعاقه أي عملية تغيير نحو بناء الدولة أو أي فصيل يتبنى مشروع الدولة المدنية مهما أبدا ذلك الفصيل مرونة وتفهم لمكانة الشريعة الاسلامية ودورها في الحياة السياسية..

إن قيادة الحزب الاشتراكي سوا بوعي منها أو بدونه قد وقعت شرك خطير.. فهي بتلك الخطوة ألغت ذاكرة الحزب التاريخية وهي كل ماتبقي لها في المعركة القادمة وأيضا نسفت بغباء فج الأنساق البنيوية للأيدلوجيا الفكرية والسياسية التي تخلقت منها الشخصية الذهنية والتاريخية والسياسية والوطنية للحزب الاشتراكي..

ومهما يكن في الوقت الراهن من تضائل للبعد الايديولوجي في سياق السياسية المعاصرة لصالح الرؤى البرامجية والادائية.. إلا أن واقعنا السياسي في اليمن سوا حاليا أو في المدي القريب لن يشهد ذلك التحول الملغي لدور الايدلوجيا الذي يتفاءل به الحزب الاشتراكي خاصة وان المكونات الدينية تمارس سياستها وستظل انطلاقا من كون الدين عمقا إيديولوجيا لها بشكل أو بأخر خاصة في الحياة السياسية..

وبهذا يكون الحزب الاشتراكي في تبنيه لاعتبار الشريعة مصدر جميع التشريعات يكون قد تنازل عن عمقه الايديولوجي ليس لصالح الرؤي البرامجية في الحياة السياسية وإنما لصالح رؤي أخرى تطرح الدين كايديولوجيا سياسية وفكرية وليس باعتباره مشتركا إنسانيا وهنا تكمن الكارثة..

كان علي الحزب الاشتراكي وبقية القوي السياسية الليبرالية ان تعمل اولا علي تحرير الخطاب الديني وتفكيك سلطته التاريخية الغاشمة ومن ثم الدخول في عملية مصالحه ذهنيه بين علمانيتهم السياسية وفكرة الدين الحق الذي يمثل مشتركا ليس وطنيا فحسب إنما إنساني.

زر الذهاب إلى الأعلى